mardi 16 août 2011

! السّبسي... كش مات

- لماذا عينتم وزيرا للدّاخلية عمل مع "بن علي"؟
- لماذا ترهنون البلاد في الديون؟ (بالرغم من كونكم تترأسون حكومة مؤقتة).
- لماذا عينتم رئيس المكتب التونسي في تل أبيب : خميّس الجهيناوي في وزارة الشؤون الخارجية ؟
- لماذا لم يحاسب رموز النظام السابق ؟

من المؤكد أنّ هذه الأسئلة التي طرحت على رئيس حكومة بلاد من المفترض أنها شهدت "ثورة" هي إحدى تجليّات الثورة المضادّة . و من البديهي أن توجد الثورة المضادّة نتيجة المسار الثوري الذي تعيشه تونس. لكن ما يثير الدهشة و الغضب هو جواب قائد ثورتنا المفدى "الباجي قائد السبسي" على هاته التساؤلات قائلا باللهجة الدّارجة "أنا نحكم وحدي و ما يدبّر عليّ حد".

مثل هذا الجواب المتعجرف يؤكد أن الثورة المضادّة ابتلعت الثورة و هي تعاقب الثوّار على مطالبتهم بالحرّية .فبعد ما كنّا نتابع في نشرات الأخبار تقدّم الثورة و انتكاساتها أصبحنا لا نسمع إلاّ حديثا عن انتصارات "الثورة المضادّة" التي تسابق نفسها. لعلّ الرئيس المخلوع نفسه لم يتجرّأ على التفوّه بهذا الكلام .

يبدو أن الغباء من سمات الأنظمة السلطوية: أوّلا لأنّ قادته لديهم تصوّر أبدي للسلطة و يعتقدون أنهم باقون إلى ما لا نهاية و ثانيا لأنهم لا يتعظون من تجارب التاريخ فكم من طاغية كنسه شعبه.
لكنّ ما يثير الاستغراب هو أن لا يتعلّم المرء الدرس بالرغم من مرور أقل من سبعة أشهر على طرد "بن علي" و رفيق دربه "محمد الغنوشي" فكأنّ السيد الباجي قائد السبسي لم يتابع (بالتأكيد لا نتحدث عن المشاركة) إصرار الثوّار على كنس كلّ من يقف عقبة أمام إتمام مهّام الثورة، أو ربّما لم يتمكن من سماع الشعارات المرفوعة أثناء الإنتفاضة نتيجة تقدمه في السنّ .

إنّ محاولة التأكيد المتكرّرة من رموز نظام "بن علي" على أنّ الثورة ثورة شباب هي حق يراد به باطل لأنهم مدركون جيّدا أن الشباب دون مستوى التنظيم الكافي لاستلام السلطة و إدارة شؤون البلاد، بمعنى أنهم يرمون الكرة في ملعب الشباب الذين لا خوف منهم على السلطة.

و لعلّ من الأمور المهمّة التي تغافل عنها الشباب هي أنّهم لم ينظموا أنفسهم أو يفرزوا قيادات متحدّثة بأسمائهم منذ اعتصام القصبة 2 حتّى لا يسهل مجدّدا تشويههم كما حصل في محاولة القصبة 3 حين وصفهم الباجي قائد السبسي"بالشرذمة الضّالّة" مذكّرا إيّانا بتوصيفات "بن علي" السطحية حين يهاجم خصومه.

كلّما أطلّ علينا رئيس الحكومة بمزحاته الثقيلة إلاّ و قرب أجل حكومته، فمنذ خطاب رئيس الجمهورية المؤقت (لعلّكم تتذكرون اسمه أكثر منّي) والذي أعلن فيه عن حلّ البرلمان و مجلس المستشارين و التوجّه نحو انتخابات المجلس التأسيس – تحت ضغط اعتصام القصبة 2– لم تقدّم الحكومة الظاهرة شيئا للثورة بل كانت الخادم المطيع بيد الثورة المضادّة و حكومة الظّل و حلفائها من القوى الرّجعية العربية و الدّولية.

بينما كان الرئيس المصري المخلوع "حسني مبارك" يدخل قفص الاتهام في إحدى أهم المحاكمات في التاريخ المعاصر، كان رموز الفساد و وزراء الرئيس الهارب يغادرون السجن و البلاد بكل سلام . و كانت آخر المهازل تبرئة "علي السرياطي" في قضية المطار.

و بكلّ وقاحة يخرج علينا الناطقون الرسميون باسم الحكومة من الوجوه الإعلامية المملّة و المعارضة – التي أصبحت مفضوحة للرأي العام منذ 13 جانفي– و يتحدثون عن المصالحة و يضربون لنا مثال جنوب أفريقيا متناسين أنّ المصالحة التي قام بها نيلسون مانديلا كانت بعد استيلاء الثوار على الحكم . بمعنى أن المصالحة يجب أن تتم على قاعدة "العفو عند المقدرة"و ليس قبلها. و كما يقول أبو يعرب المرزوقي :" ما علمت في التاريخ مصالحة يجريها بقايا النظام وحلفاؤه الذين وقعت عليهم الثورة إلا إذا كان المقصود بالمصالحة عكسها أعني أن الثوار يصبحون كالمتسولين العفو من أعداء الثورة لئلا يعاقبوهم على ما اقترفوه عند الثورة عليهم " . كل حديث عن المصالحة قبل انتصار الثورة هو تشجيع للمجرمين في حق الشعب على مواصلة الإجرام .

كان سقف توقعات الناس بعد 14 جانفي مرتفعا في حين كانت منجزات حكومة الباجي قائد السبسي معدومة على أرض الواقع و هو ما سيدفعهم للمطالبة بإسقاطها.
كلّما اتسعت المسافة بين خطّ الآمال و التوقعات و خطّ المكتسبات الملموسة إلاّ و اقترب موعد اللجوء الآلي للاحتجاج في الشوارع.
من هنا يصبح تشكيل جبهة تضّم القوى للثورية و الديمقراطية و الشباب للإعداد و الاستعداد لهذه اللحظة ضرورة ملحة حتّى لا تصاب بالحيرة و الارتباك التي عاشتهما إبان هروب المخلوع نتيجة عدم مطابقة الثورة التونسية لما قرؤوه في الكتب.
ليس صمت الشعب خوفا أو لا مبالاة بل هو قراءة للواقع و استجماع لعناصر الحركة وليتذكر "الباجي قائد السبسي" – الجاهل بالتاريخ – أن " الشعب هو إلي يحكم وحدو و ما يدبر عليه حد ".

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire